معركة يشوع - يوشع بن نون - معركة اريحا - قضية تامارين - جورج تامارين -- george tamarin

قصة يشوع التوراتية ومعركة أريحا وقضية تامارين

هل سفر يشوع هو سفر المجازر والحروب الدمويه؟

في كتابه “الكتاب المقدس والاستعمار”، يطرح القس مايكل بريور سؤالا فيقول: ما دور النصوص المقدسة [اليهودية] في تكوين القيم والمبادئ الأخلاقية؟

ثم يردف قائلا:

لتقويم تأثير التحيُّزات العِرقِيَّة والدينية المكتسبة على الحكم الأخلاقي، قام عالم الاجتماع النفسي الإسرائيلي چورچ تامارين George Tamarin بإجراء دراسة حول تأثير الإفراط في حب الوطن (الشوڤينية Chauvinism) على الحكم الأخلاقي. وقد درس التحيز في أيديولوچية الشباب الإسرائيلي، وتأثير التعليم غير النقدي لمفاهيم مثل الشعب المختار.. وأعمال الإبادة الجماعية التي قام بها أبطال الكتاب؟

واختار جورج تامارين سفر يشوع لأنه يحتل مكانة مهمة في المناهج التعليمية الإسرائيلية في التاريخ القومي والأساطير القومية الإسرائيلية على حد سواء. وقسَّم عينة الدراسة إلى مجموعتين وهما: المجموعة الرئيسة، ومجموعة مكملة. وطلب من المجموعة الرئيسة التعليق على هذه الآيات من كتاب يشوع الذي يقرءونه كثيرًا:

“فنفخ الكهنة في الأبواق فهتف الشعب عند سماع صوتها هتافًا شديدًا فسقط السور في مكانه. فاقتحم الشعب المدينة لا يلوي أحدهم على شيء واستولوا عليها. وقتلوا بحد السيف إكرامًا للرب جميع ما في المدينة من رجال ونساء وأطفال وشيوخ حتى البقر والغنم والحمير”. [يشوع ٦: ٢٠-٢١]

“واحتل يشوع في ذلك اليوم مقيدة وضربها بحد السيف وقتل ملكها وكل نفس فيها ولم يبق فيها باقيًا، وفعل بملكها كما فعل بملك أريحا. ثم اجتاز يشوع ورجاله من مقيدة إلى لبنة وحاربها. فأسلمها الرب أيضًا إلى أيدي بني إسرائيل، هي وملكها، فضربوها بحد السيف وقتلوا كل نفس فيها ولم يُبقوا فيها باقيًا، وفعلوا بملكها كما فعل بملك أريحا. واجتاز يشوع ورجاله من لبنة إلى لخيش وأحاط بها وحاربها. فأسلم الرب لخيش إلى أيدي بني إسرائيل، فاستولوا عليها في اليوم الثاني وضربوها بحد السيف وقتلوا كل نفس فيها كما فعلوا بلبنة”. [يشوع ١٠: ٢٨-٣٢]

ومسح في دراسته تسع مجموعات من التلاميذ تبلغ أعمارهم ما بين 8 سنوات ونصف إلى 14 سنة، يمثلون كل ألوان الطَيف في مدارس إسرائيل: المدن، القرى، الموشاڤ، الكيپوتز، المدارس الدينية، مراكز الشباب… ومجموعة غير متناسقة من مدارس متنوعة.

معركة يشوع - يوشع بن نون - معركة اريحا - قضية تامارين - جورج تامارين - george tamarin

وكانت الأسئلة المطروحة على التلاميذ هي:

السؤال الأول: في رأيكم، هل أحسن يشوع وبنو إسرائيل التصرف أم لا؟ اشرحوا وجهة نظركم.

السؤال الثاني: لنفترض أن الجيش الإسرائيلي حاصر قرية عربية في إحدى المعارك. هل ترون أنه سيكون من الجيد أن يعامل السكان كما عامل يشوع سكان مدينة أريحا ومقيدة؟ اشرحوا لماذا.

وأثناء دراسته، فرق تامارين بين الموافقة التامة والموافقة الجزئية والرفض التام، وتنقسم الإجابات كالتالي:

الموقف حيال يشوع والجيش الإسرائيلي:

 موافقة تامة %موافقة جزئية %رفض تام %
س1: حيال يشوع66826
س2: حيال الجيش الإسرائيلي والقرية العربية30862

ويستنتج جورج تامارين أن هذا الاختبار أثبت وجود سلوك عالي التحيز لدى عدد معتبر من جيل المستقبل الذين تم استجوابهم؛ بحيث يبرر التوجهات العنصرية (دينية، وعرقية قومية، وتبرير استراتيچي للإبادة… وما إلى ذلك). أما المجموعة المكملة فقد تم تقسيمها إلى مجموعتين فرعيتين. وتم دعوة المجموعة الفرعية الأولى إلى الإجابة على السؤال الأول انطلاقًا من نص يشوع. أما المجموعة الفرعية الثانية، فقد عرض عليها الصيغة “الصينية” لسفر يشوع:

“ذهب الچنرال لين – الذي أسس الإمپراطورية الصينية منذ 3000 عام – يحارب من أجل غزو بلد ما. وصل هو وجيشه أمام مدن كبيرة بها أسوار كبيرة ومحصنة. وظهر إله الحرب الصيني في حلم للچنرال لين ووعده بالنصر وأمره بقتل كل السكان لأنهم لم يكونوا يدينون بنفس الديانة. واستولى لين وجيوشه على المدن وقتلوا كل نفس من رجال ونساء وأطفال وشيوخ وعجول وغنم وحمير. وبعد أن دمروا المدن استكملوا مسيرتهم وغزوا العديد من الدول”.

سأل جورج تامارين هذه المجموعة الفرعية وقال: “هل تعتقدون أن الچنرال لين وجيوشه أحسنوا التصرف؟ اشرحوا لماذا”.

وانقسمت الإجابات كالتالي:

الموقف حيال القتل الجماعي:

 موافقة تامة %موافقة جزئية %رفض تام %
س1: حيال يشوع602020
س2: حيال الچنرال لين71875

ووفقًا لتامارين، فإن هذه النتائج تؤكد بلا شك تأثير التعصب الوطني والأفكار القومية المتشددة والدينية على الحكم الأخلاقي.

هذا ويوضح تحليل الإجابات ما يلي:

“إن تعليم الكتاب المقدس الخالي من النقد الموضوعي، خاصة بالنسبة لتلاميذ صغار السن حتى وإن لم يكن كنص مقدس وإنما كتاريخ وطني، مع أخذ موقف محايد بشأن السياق التاريخي أو الأسطوري للمضمون، يؤثر بشكل عميق على تكون التحيُّزات… وهذا الأمر يَعُم أيضًا الطلبة الذين لا يتلقون تعليمًا دينيًا؛ لأن مثل هذا التعليم يُنَمِّي خصائص سلبية وعدوانية تجاه الغريب. ويُعَدُّ كلًا من تمجيد حب الوطن كقيمة عليا مع اعتبار الذوبان [ذوبان اليهود في البلاد التي يعيشون فيها] – وهو الشر الأعظم -، وتأثير القيم الحربية في التعليم الأيديولوچي، مصادر للنزعات العنصرية”.

وبالنسبة لجورج تامارين، فإن هذه النتائج تتهم بصورة قاسية نظام التعليم في إسرائيل وتدعو المسئولين عن هذا النظام إلى الاستفادة من هذه النتائج التي تفرض نفسها. وكانت هذه الدراسة سبب في شهرة الكاتب غير المتوقعة وغير المرغوب فيها في الوقت ذاته، حيث أدى ما سُمِّيَ بـ(قضية تامارين) إلى فقدان تامارين لمنصبه الهام كأستاذ في جامعة تل أبيب. وفي رسالة قدمها لرئاسة الجامعة قال منددًا إنه لم يتخيل أبدًا أن يكون الضحية الأخيرة لغزو يشوع لأريحا!

المصدر: كتاب حصان طروادة؛ الغارة الفكرية على الديار الفكرية.

اقرأ أيضًا: أهم الكتب في تاريخ الفكر الصهيوني.


فيديو: ما هي “نبوءة إشعياء” التى تحدث عنها نتنياهو في الهجوم على غزة؟ قصة عماليق