لفت نظري بعد مشاهدة الجزء الرابع من فيلم فندق تراسيلفانيا Hotel Transylvania، أنه يصح ضرب المثال به كنموذج للمشروع المتكامل لزرع فكرة ما في صورة عمل فني، ثم تسخر كل الطاقات والإمكانات لتنفيذه؛ أي إنه ليس مجرد عملٍ فني عابر تتخلله بعض المفاهيم والإشارات.. وكيف لا؟ وبطله هو النجم الهوليوودي آدم ساندلر، القائل في تصريح له في عام ٢٠٠٧ أنه يود المشاركة بالعمل والدعم لمجموعات حقوق المثليين.
Hotel Transylvania 1
تدور أحداث الجزء الأول (2012) في عالم الوحوش المرعبة، حيث يُقرر مصاصُ الدماء دراكولا إنشاء فندق ترانسيلفانيا؛ ليكون ملاذًا لجميع الوحوش الذين يبحثون عن مكان آمن للاستجمام، ولقضاء العطلات والمناسبات السعيدة مع أصدقائهم وأهليهم، بعيدًا عن أنظار الإنسيين الأشرار، الذين قتلوا زوجته الحبيبة فيما مضى، والتي ماتت وخلفت له طفلته مافيس، ليتولى هو رعايتها وتربيتها بمفرده، حتى تبلغ عامها الـ 118، ويقيم حفلًا كبيرًا ليحتفل بميلادها في الفندق، ويدعو جميع أصدقائه الوحوش ليحتفلوا معه.
وتطور الأحداث ويكتشف “جوني” هذا العالم بالصدفة، ويتعرف بمافيس ويقعان في الحب وينتهي الأمر بالزواج، ويرضخ دراكولا لرغبة ابنته، ويعيشان معًا في عالم الوحوش، وينتصر الحب، وتنصهر أمامه جميع الحواجز.
Hotel Transylvania 2
في الجزء الثاني من الفيلم (2015)، ننتقل إلى مرحلة أخرى؛ حيث يفتح الفندق أبوابه لاستقبال الإنسيين، وترتفع الحواجز بينهم وبين الوحوش، وتحدث الزيجات، وتختلط الأنساب، ويتزوج جوني من مافيس، ويستقبل والداه الأمر بترحاب كبير، ويُرزقان بمولودهما الصغير دينيس، الذي تنشأ صداقة بينه وبين ويني؛ المستأذبة الصغيرة الرقيقة، ويتجلى الصراع بين رغبة والدته مافيس -من جانب- في تربيته في كاليفورنيا على نمط حياة الإنسيين، وبين والدة جوني وجدِّه دراكولا الذَينِ يرغبان في تربيته على نمط مصاصي الدماء المرعبين من الجانب الآخر، في إشارة واضحة إلى قضية “الجندرية” والمناداة بضرورة تحديد الطفل لهويته الجنسية بغير تدخل الوالدين، وبغض النظر عن جنسه البيولوجي الذي ولد به؛ فما يدريك، قد تكون له هوية جنسية مختلفة عن طبيعته البيولوجية المحتبس في داخلها!
Hotel Transylvania 3: Summer Vacation
في الجزء الثالث (2018) ينتقل الصراع إلى الجانب البشري، حيث يخطط “فان هلسينج” Van Helsing -صائد الوحوش الشهير- للانتقام من دراكولا الذي كاد يتسبب في قتله قديمًا، ونجا من الموت بأُعجوبة.. فيستدرجه فان هلسينج وأسرته وأصدقاء فندق ترانسيلفانيا إلى قضاء رحلة صيفية في مثلث برمودا الشهير، على أن تقوم هناك حفيدته إريكا بقتل دراكولا انتقامًا لجدها. وتدور الأحداث وتنتهي بفشل محاولات إريكا وبفشل مخطط فان هلسينج بالكامل، بعد خطبة حماسية عن الحب والتعايش والسلام، لتقع إريكا في حب دراكولا ويعدل فان هلسينج عن مخططه ويصير هو والوحوش أصدقاء.
Hotel Transylvania 4: Transformania
في الجزء الرابع (2022) بعد أن صار الجميع أصحابًا وأحبابًا يعيشون في سلام في فندق ترانسيلفانيا، بما فيهم فان هلسينج وحفيدته إريكا، يقرر دراكولا التقاعد وتسليم مفتاح الفندق إلى ابنته مافيس لتتولى مسؤوليته وتدير شؤونه. لكن الشك والخوف ساوره تجاه طباع زوجها الإنسي جوني وتصرفاته الشبابية الطائشة، فتراجع عن هذا القرار فجأة بعد أن نما الخبر إلى سمع مافيس، واختلق أكذوبة يُسوِّغ بها فعله؛ فزعم أن قانون الوحوش لا يجيز تسليم المفتاح لإنسي، وإلا سيتم مصادرة الفندق بأكمله.
وتتطور الأحداث وتزداد تعقيدًا، فيعترف دراكولا بكذبته، ليمتلئ جوني غضبًا من دراكولا “الذي لم يعتبره فردا من العائلة” I’m not part of family، فيقرر القضاء عليه. وبعد صراع قصير ينتهي الأمر مجددًا بخطبة عصماء عن الحب وقبول الآخر ورؤية الجانب الإيجابي في داخله حتى لو كان الظاهر سلبيًّا أو قبيحًّا، ليعتذر دراكولا في النهاية ويسلِّم جوني ومافيس مفتاح الفندق، ليختتم دراكولا الفيلم بعبارة: It’s time to begin a new chapter، أي قد حان الوقت ليبدأ الشباب فصلًا جديدًا من هذه الحياة -وَفق التَّحوُّلات Transformania والمفاهيم العصرية الجديدة- بعيدًا عن العقليات المتحجرة القديمة المعترضة على كل شيء، مع التهديد المبطن في ثنايا أحداث الفيلم بأن رفض تقبل هذا التعايش سيفتح باب الشر والتطرف والعنف والإرهاب.